Mr : Mostafa khalil
اهلا وسهلا بك مره اخرى فى منتداك الخاص الاستاذ مصطفى خليل
Mr : Mostafa khalil
اهلا وسهلا بك مره اخرى فى منتداك الخاص الاستاذ مصطفى خليل
Mr : Mostafa khalil
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Mr : Mostafa khalil

منتدى الاستاذ مصطفى خليل يرحب بكل الاعضاء والزائرين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الى عشاق اسامة انور عكاشه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
walaa
عضو فعال
عضو فعال



عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 21/08/2009

الى عشاق اسامة انور عكاشه Empty
مُساهمةموضوع: الى عشاق اسامة انور عكاشه   الى عشاق اسامة انور عكاشه I_icon_minitimeالجمعة 21 أغسطس 2009, 12:44 pm

شـق النهـار‏(24)‏ معزوفـــة الغيــــوم
بقلم :أسامة أنور عكاشة


هل تمطر السماء في الصحراء؟ سأل في حيرة وأجاب بعد لحظة وقد تحشرجت ضحكة مخنوقة في حلقه‏.‏

ـ الصحراء لا تعبرها ولا تتكاثف في آفاقها غيوم تحمل مطرا‏.‏ الصحراء صلعاء لا ينبت فيها إلا صبار لا يشرب الماء ولكنه يعيش‏.‏ خارج رأسه كانت الأمور تبدو مضحكة وكان صاحبه الشاعر المحزون يتكلم ويضحك ولكنه كان عاجزا عن سماع كلمة مما يقول وبدت له تقلصات قسمات وجهه وهو يضحك كأنها تفاصيل من لوحة الجورنيكا لبيكاسو فتستطيل سحنته ليشبه رأس الحصان المرعوب في ركن اللوحة أو ذلك الوجه المسحوق لفتاة أو امرأة تحترق في الهولوكوست‏.‏

كان عباس قد أعد الشاي وراح يرشفه باستمتاع وهو يرنو له بنظرة حزينة نادمة‏.‏

ـ ليتني ما صحبتك الي هنا‏..‏ الجو مكفهر ويبدو وأها ستمطر‏.‏

من الأفق الغربي كانت تزحف مقتربة في سرعة وكأنها تلقت أمرا بالهجوم كان من المفترض أن ترتفع الشمس وتتعامد علي محورها‏.‏ لكن الغيوم أدركتها وفي رائعة النهار أطبق ليل كثيف‏..‏ كانت السحب داكنة ثقيلة وتبدو قريبة جدا من قمة التبة وخيل اليه أنه لو مد ذراعه لأعلي للمسها وأحس بنشوة الاستحمام في العراء‏.‏ نضا عنه كل ثيابه وراح يرتع ويتقافز تحت سيل من أمطار دافئة‏(‏ أين هما الآن من خط الاستواء‏)‏ ألم يكونا من سويعات في بقعة ما من الصحراء الكبري في نقطتين تمبكتو السنغالية و باماكو؟‏..‏

لم تكن كتب الجغرافيا أيام الدراسة دقيقة الي هذا الحد ولكنها ربما كانت تلك الرواية القديمة لـ أنطوان دي سانت اكسوبري التي قرأها في مطلع صباه وفتنته طويلا‏.‏ في تلك الأيام التي لا تشحب ذكراها من مخيلته كان يقرأ كل شيء من روكامبول وباردليان وفوستا الي زولا وبالزاك وديستويوفسكي وميلر‏(‏ كان الرفيق رياض لا يشاركه حب معظمهم وكان يصفهم بكتاب البرجوازية المتعفنة‏)..‏ آه‏...‏ يالهذا المطر يبدو كما لو كان مطرا سرمديا لا ينقطع ولا ينتهي وكانت الغيوم تتكاثف ولا تنقشع ولكن عباس كان قد اختفي بكل متاعه وآنية الشاي والقهوة التي تلازمه‏..‏

ومن يحتاج لأي شيء تحت هذا الغسل السماوي وبدأ النعاس يثقل أجفانه وسؤال يتأرجح علي باله‏..‏ أين تنام الليلة ولا يوجد مأوي ولا مساحة من عشب فلينم واقفا كالخيول‏.‏ لم يدرك أنه يدور ويدور وتجذبه الدوامة الي القاع فلم يحس بالتالي متي خارت ساقاه وتوسد الرمال الغارقة في هذا السيل المنهمر‏.‏

يحدث في الأزمان الصماء أن يفقد الإنسان حاسته القديمة في عد الأشياء وحساب تراكمها وربما فقد أيضا إحساسه بتوالي الليل والنهار مشرق الشمس ومغربها لكن عباس كان يستيقظ دائما في الفجر‏,‏ واليوم أفاق قبيل انعكاسات الظل المموه بالزرقة الباهتة ليجد لسانه وقد تشقق عطشا وامتدت يداه تبحث عن الزمزمية ليجدها وقد فرغت تماما فراح يلعق حجارة السفح الجرانيتية الملساء التي بقيت عليها قطرات الندي قبل أن تشق الأفق تلك الشمس الضاريه لتفتك بكل السوائل حتي دموع القهر لحظتها خالجة لأول مرة احساس الندم فمهما كانت تجربة المعتقل شاقة

ومهينة الا أنه كان يتمتع علي الأقل بحمامه اليومي بالدش أو بخرطون المياه بأضعف الإيمان‏..‏ أتراه قادرا علي النكوص؟ ولو استطاع في أي اتجاه يسلكه وقد استدارت التبة واستدار معها الوادي وباتت الدروب وقد طمسها سفي الرمال ولعله أيقن في تلك اللحظة انه اذا واصل السير في اتجاه الغرب وترك الشمس خلفه فسيصل الي نقطة البداية عند بوابة المعتقل ورنا بركن عينه الي حيث رقد رفيق التبة فوجده كما هو وحبا نحوه ليتحسسه فوجد سخونة الحمي قد انحسرت وحل محلها عرق غزير وتحول احتقان الوجنتين الي شحوب بارد وهاجمه لأول وهلة احتمال أن يكون شوقي قد مات صريع الحمي فمال بأذنه علي صدره يتلمس أي صوت فأحس بدفء نفس يصدر ويطمئنه الي أن رفيقه مازال علي قيد الحياة ومن بين الجفنين أفترت العينان عن حركة طفيفة بدت مقدمة لظهور تلك النظرة الممتلئة بالعبث والمجون التي كانت تلمع كلما أفاق شوقي من نومه أو غيبوبته‏.‏

لم ير في وجه شاعره الحزين غير تكوينات سيرياليه لوجه غريب لا يعرف صاحبه فقال لنفسه بعد هنيهة ستصفو الرؤية ويتعرف علي الموجودات حوله ولكنه تعجب في حواره الصامت مع وعيه لانقطاع الامطار ومد أصابعه ليلمس جسده فلم يجد بللا‏.‏ كانت كل ثيابه جافة نظيفة وفوقها تغطية ملاءات بيضاء بلون النهار وراح يحدق شاخصا ببصره الي ما حوله ليجد أشخاصا يرتدون جميعا معاطف بيضاء ويفحصونه بدقة واهتمام وبقي يراقبهم لفترة ثم قاده الوعي الي ادراك جديد‏..‏ ربما انقذته تلك القافلة التي مرت قبل هطول الامطار ولكنها اختفت عن ناظريه فجأة وراح هو ينصت الي أنغام ذلك المغني في خيمة الجنة التي نصبت في العصر الطارقي‏(‏ربما كان ذلك منذ ألف عا م‏)‏ أراد أن يجلس فجلس دون أي اعتراض من المحيطين به بل رآهم جميعا يبتسمون وينظر بعضهم إلي بعض وكأنما يتبادلون الفرجة علي مخلوق فضائي‏.‏

حاول أن يتلمس بينهم رفيقه الشاعر الحزين وحين أخفق في العثور عليه طمأن نفسه بأنه ربما يطرق الباب بعد قليل‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الى عشاق اسامة انور عكاشه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Mr : Mostafa khalil :: منتدى الاعلام-
انتقل الى: