مصرى يعتمر داخل بلده
بقلم سليمان جودة ٢١/ ٨/ ٢٠٠٩
هذه قصة حقيقية مهداة إلى الذين حزنوا لأن أنفلونزا الخنازير منعتهم من أداء العمرة، وقد تمنعهم من الحج!
فليس سراً أن كثيرين بيننا كانوا ولايزالون يجدون متعة بالغة فى الذهاب إلى الأراضى المقدسة، عاماً بعد آخر!
ولم يكن هؤلاء يتصورون، أن يأتى يوم، يكتشفون فيه أنهم قادرون على الذهاب، ولكن ظروف الخوف من الوباء تمنعهم.. وقد كانوا فى وقت مبكر من أوقات انتشار المرض، مخيرين بين الذهاب، أو عدم الذهاب، فإذا بهم الآن مرغمون على التخلف، لأن شروطاً معينة قد وضعتها الدولة، سوف تنزل بعدد المعتمرين إلى النصف تقريباً!
ولاتزال أرقام التخلف عن أداء العمرة، متباينة، وأحيانًا تكون متناقضة، ولكن المتفق عليه أن النسبة وصلت إلى ٦٠٪ من الذين كانوا قد عقدوا العزم، فحجزوا تذاكر السفر، وحصلوا على تأشيرات، ثم قيل لهم فى اللحظة الأخيرة: ممنوع!
طبعاً.. الحكومة تأخرت فى اتخاذ إجراء حاسم، منذ البداية، وكان الأمل أن تكون الإجراءات التى اتخذتها مبكرة عن هذا بكثير، ويكفى أن نعرف أن إيران وتونس والعراق أوقفت رحلات عمرة رمضان، وكان قرار الثلاثة سابقاً لقرارنا بكثير، بل قررت إيران، منذ الآن، أن تكون هناك خطوات تنظيمية واضحة، فيما يخص الحج، رغم أن بيننا وبينه ما لا يقل عن مائة يوم!
وقد كانت الحكومة تتابع طوال الفترة الماضية، مدى إقبال الناس على الحجز للعمرة، رغم التحذيرات، وكان بعضهم يعتقد ولايزال أنه لو حصل له شىء هناك، فسوف يكون شهيداً فى سبيل الله.. وكانت الحكومة تتفرج ولا تريد أن تتدخل بحزم!
والقصة التى أشرت إليها، كانت لصديق أدى العمرة العام الماضى، مع أسرته، إلا واحداً من أفرادها كان قد تخلف لظروف تخصه.. وبسرعة كان الصديق قد حسب تكلفة فرد الأسرة الذى تخلف، ووجد أنها ٣٠ ألف جنيه، فقرر على الفور، منح المبلغ كاملاً لفلاح فى المحافظة التى ينتمى إليها، وقد كان الفلاح مهدداً بالذهاب إلى السجن بسبب تراكم قروض وفوائد بنك التنمية الزراعى عليه!..
وكانت حصيلة هذه الخطوة فك أسر فلاح عاش أسيراً لدى البنك، وكان من الممكن أن يقضى بقية عمره فى الحبس!.. ولايزال الصديق العزيز يردد فى كل مناسبة، أن التبرع بالمبلغ لأسرة محتاجة قد أسعده ربما بأكثر من سعادته بالعمرة ذاتها له، وللذين كانوا قد رافقوه!
فما رأيك يا من تخلفت عن أداء العمرة هذه الأيام، وقد تتخلف عن الحج.. ما رأيك فى أن تثلج صدر أسرة كاملة بائسة بدلاً من أن تثلج صدر فنادق مكة، والمدينة، والطيران السعودى؟!